شهد مخيم عين الحلوة مساء الثلثاء تصعيدًا إسرائيليًا جديدًا، بعدما أغارت الطائرات الإسرائيلية قرابة الساعة التاسعة والنصف ليلًا مستهدفة موقفًا للسيارات وملعبًا رياضيًا قرب مسجد خالد بن الوليد في منطقة صفوري بالشارع التحتاني، ما أسفر عن سقوط 13 قتيلًا بينهم فتيان، إضافةً إلى عدد من الجرحى.
وتُعدّ هذه الغارة الأولى على المخيم منذ اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حزب الله" في 27 تشرين الثاني 2024، وذلك قبل أيام قليلة من الذكرى السنوية الأولى للاتفاق، كما أنها الثانية خلال حرب الإسناد، بعدما استُهدف منزل القيادي الفتحاوي منير المقدح سابقًا، ما أدى إلى مقتل نجله وزوجته وآخرين.
ووفق مصادر فلسطينية تحدّثت إلى "نداء الوطن"، فقد عملت سيارات الإسعاف لأكثر من ساعة على نقل الإصابات إلى مستشفيات مدينة صيدا، حيث توزّعوا بين 5 في الهمشري، و4 في الراعي، واثنين في لبيب، و3 في عسيران، وسط رفع التكبيرات من مآذن المساجد، ونداءات للتبرع بالدم.
ومع وقوع الغارة، سرت شائعات عن استهداف القيادي الفتحاوي اللواء منير المقدح، سرعان ما تبيّن عدم صحتها، كما تبيّن عدم استهداف مسؤول بحد ذاته، ما طرح تساؤلات فلسطينية سياسية وشعبية عن خلفية الغارة، وما إذا كان الهدف منها توتير الأوضاع الأمنية.
وسادت حالة من الغضب العارم بين أبناء المخيم الذين وصفوا ما جرى بأنه "مجزرة بشرية"، في المخيم الذي لا تتجاوز مساحته كيلومترًا واحدًا، ويقطنه نحو 80 ألف نسمة. فيما كشفت مصادر فلسطينية أن الغارة نُفّذت بثلاثة صواريخ، ما تسبب بأضرار كبيرة في المكان المستهدف.
وفيما قال الجيش الإسرائيلي إنّ القصف استهدف مركزًا تدريبيًا يتبع لحركة "حماس"، نفت الحركة ذلك في بيان رسمي، مؤكدة أن الموقع هو ملعب رياضي مفتوح يرتاده فتيان من المخيم، وأن المستهدفين كانوا مجموعة من الشباب لحظة الغارة.
وتابع الرئيس الفلسطيني محمود عباس منذ اللحظة الأولى تفاصيل الغارة، حرصًا على سلامة أبناء المخيم. فيما سارعت حركة "فتح" إلى إصدار بيان اعتبرت فيه استهداف عين الحلوة، عاصمة الشتات الفلسطيني، "اعتداءً مباشرًا على هويتنا الوطنية وحقنا في الصمود والعودة".
ورأت أن تهديدات وزير الدفاع الإسرائيلي تجاه المخيمات الفلسطينية في لبنان مرفوضة، وتأتي في سياق "تهديد أمن شعبنا واستقرار لبنان الشقيق". وطالبت الحركة بموقف دولي حازم يذهب إلى محاسبة قادة إسرائيل "على إرهاب الدولة الذي يمارسونه بلا رادع".
ودانت فصائل منظمة التحرير الفلسطينية واللجان الشعبية في المخيمات والتجمعات الفلسطينية "المجزرة الصهيونية البشعة"، وأعلنت الإضراب العام اليوم الأربعاء حدادًا على أرواح الشهداء، وتضامنًا مع الجرحى، في مخيم عين الحلوة وكافة أماكن وجود الشعب الفلسطيني.
كما دانت كل من حركة "الجهاد الإسلامي" و"الجبهة الشعبية" و"منظمة الصاعقة" و"الجماعة الإسلامية" و"طلائع تيار الفجر" الغارة، ووصفتها بأنها "مجزرة تُضاف إلى سلسلة مجازر العدو بين غزة ولبنان"، مطالبةً الحكومة اللبنانية بالتحرك العاجل لحث المجتمع الدولي، وخاصة الدول الراعية لاتفاق وقف إطلاق النار، على إلزام إسرائيل باحترام بنود الاتفاق.
كما دان النائب الدكتور عبد الرحمن البزري المجزرة، واعتبرها موجهة ضد لبنان الوطن وسيادته، وضد الشعب الفلسطيني. ودعا الحكومة اللبنانية إلى "اتخاذ الإجراءات الضرورية لإدانة هذا العدوان الوحشي"، كما دعا أهالي صيدا ومنطقتها وكل اللبنانيين إلى التضامن مع أهلنا الفلسطينيين وشهدائهم وجرحاهم.
وتفقد النائب البزري، برفقة رئيس بلدية صيدا مصطفى حجازي ونائب الرئيس الدكتور أحمد عكرة وعضو المجلس البلدي هشام حشيشو وعضو مجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة والزراعة في صيدا والجنوب كامل شريتح، مستشفيات صيدا للتأكد من جهوزيتها وللإطمئنان على الجرحى وأحوالهم.
في الوقت نفسه، أعلنت الجهات التربوية في مدينة صيدا إقفال المدارس اليوم حدادًا.

